إن تكنولوجيا المعلومات لاتستطيع تحويل كل التخيلات
إلى حقيقة ولكن يمكن القول بأنها استطاعت حتى الآن وضع آليات قادرة على ذلك .
بالتالي فقد ظهر الواقع الافتراضي وهو نوع من الوقائع أو الحقائق التي يجري صنعها
وتكوينها عبر برامج وحاسبات لتظهر و تتجسد بالشكل الذي تجري به على أرض الواقع
فعلاً .
تطور مفهوم الواقع الافتراضي ليصبح اتجاهاً أوفلسفة رحبة لا تقتصر فقط على برامج الصور ثلاثية الأبعاد ، ولكن
تشمل أيضاً تكوين الخدمات و الكيانات والمنتجات
الافتراضية في كل مجال من مجالات الحياة ، ومن المتوقع مستقبلاً أن تذوب الفواصل بين الواقع و الافتراض بشكل
شبه تام ، بل إننا بدأنا في رؤية هذه الفواصل تتلاشى منذ الآن .
ففي مجال التعليم مثلاً بدأت تظهر المدارس التخيلية التي ليس لها وجود مادي على أرض
الواقع ، لكنها موجودة فقط في ذاكرة
الحاسبات العملاقة ومواقع شبكة الإنترنت ونظم معلومات التعليم المختلفة ، بل إن
المدرسة الحقيقية العادية أصبح لها وجه افتراضي إلى جانب وجهها الواقعي ،
هناك الآن أعداد كبيرة من المدارس والجامعات التي
أنشأت لنفسها مواقع على الإنترنت تقدم خدمات تعليمية دخلت في صميم المنهج الدراسي
، وأصبحت من الأجزاء الأساسية المكونة له ، فهناك دروس تبث عبر الشبكة وهناك
مدرسون افتراضيون يمكن التوجه إليهم
بالأسئلة والدخول معهم في حوارات تفاعلية كاملة و الأمر لم يتوقف على
المدارس فقط بل وصل إلى الجامعات وخرج إلى دول العالم المختلفة ، بحيث أصبحنا نرى
الآن خريجين يحملون الشهادات الجامعية من جامعات موجودة في الخيال الافتراضي فقط .
أما في مجال التجارة فظهر مفهوم التجارة
الإلكترونية حيث أصبح بإمكان الناس الناس أن يشتروا أي شيء يريدونه من أي مكان في
العالم وفي أي وقت يشاءون عن طريق الإنترنت من دون مغادرة أماكن جلوسهم خلف الشاشة
الزرقاء .
أصبح إنشاء الشركات وممارسة الأعمال لا يحتاج لأكثر
من جهاز حاسوب واتصال بشبكة الإنترنت
وعقلية متفتحة لتدخل بقوة إلى عالم تحقيق الإحلام .
أصبح الآن حجم الكتاب لا يقاس بعدد صفحاته وإنما
يحسب بعدد الكيلوبايت ، وهو قدر المساحة اللازمة لتحميل الكتاب الإلكتروني على
جهاز الكمبيوتر وإذا لم يكن لدي الجهاز
المستخدم مساحة تكفي لتتنزيله فإنك لاتستطيع
قراءة الكتاب إلكترونياً .
لقد تغير
شكل الحياة تبعاً لذلك ، وتغير الناس ، وتغيرت المفاهيم و القيم أو هي في
طريقها إلى للتغيير السريع لقد ظهر
إلى الوجود مفهوم الحياة الرقمية والمجتمع
الرقمي و الواقع التخيلي والإنسان الافتراضي.
في هذه الحالة الرقمية نكتشف العالم اكتشافاً
جديداً ، فبعد أن كان صحراء لا متناهية ،
صار أصغر
من حجرة واحدة يتحدث فيها جنسيات
شتى ، يعبرون عن آرائهم في حرية تامة .
مفهوم الفجوة
الرقمية :
لقد أدى بزوغ العصر الرقمي الذي أوجده تطور تكنولوجيات
المعلومات و الاتصالات إلى بروز ظاهرة الفجوة الرقمية .
أصبح الحديث عن تقدم وسائل الاتصال و مجتمع
المعلومات مقترناً بالحديث عن الفجوة الرقمية والتي يمكن تعريفها على أنها :
( درجة التفاوت في مستوى التقدم سواء بالاستخدام أو
الإنتاج في مجال الاتصالات وتكنولوجيات المعلومات بين بلد و آخر أو بين مناطق البلد الواحد وما يصحب هذا التفاوت
من آثار اجتماعية واقتصادية ) .
ومن ثمّ يعبر مفهوم الفجوة أو الهوة الرقمية عن الفارق
في حيازة تكنولوجيا المعلومات و الاتصالات بشكلها الحديث وحيازة
المهارات التي يتطلبها التعامل معها بين الدول المتقدمة المنتجة لهذه
التكنولوجيا و لبرامجها ولمحتوياتها و بين الدول النامية التي لا تساهم في إنتاج هذه
التكنولوجيات و في صياغة محتوياتها
يمكن القول أن : اللامساواة أمام إمكانيات بلوغ المعلومة
، و المساهمة في المعرفة، وازدياد
حجم الشبكات، وكذلك الاستفادة من التنمية الهائلة التي توفرها تكنولوجيا
الإعلام و الاتصال هذه العناصر هي الأجزاء البارزة للفجوة الرقمية .
أسباب الفجوة
الرقمية :
نتج عن الثورة في تكنولوجيا الاتصالات و المعلومات
العديد من التحديات ومن بينها التحدي المتعلق بتضييق الفجوة الرقمية بين الدول
النامية و الدول المتقدمة ، وهي الفجوة التي تتمثل في انخفاض متوسط عدد خطوط
التليفونات و عدد أجهزة الحاسب ، وعدد مستخدمي الإنترنت كنسبة من عدد السكان وضعف
البنية الأساسية للاتصالات و المعلومات و التنمية البشرية في هذا المجال وغيره .
إلى جانب هذا وذاك هناك التحدي
المرتبط بالتحول إلى اعتبار المعلومات كسلعة بعد أن كانت تنتج في إطار المنفعة
العام .
وهناك العديد من الأسباب التي أدت إلى ظهور الفجوة
الرقمية يمكن إجمال هذه الأسباب في النقاط التالية :
أولاً :
الأسباب التكنولوجية للفجوة الرقمية :
v
سرعة التطور التكنولوجي :
تتطور تكنولوجيا المعلومات و الاتصالات بمعدلات
متسارعة : عتاد واتصالات و برمجيات و كذلك تنامي عدد مواقع الويب مما يزيد من
الصعوبة اللحاق بها من قبل الدول النامية .
v
تنامي الاحتكار التكنولوجي :
أظهرت تكنولوجيا المعلومات و الاتصالات قابلية
عالية للاحتكار سواء على مستوى العتاد أو البرمجات فنجد أن توزيع إحتكار سوق تكنولوجيا المعلومات قاصر على عدة دول و هي
أمريكا و اليابان وأوروبا وظهر في الآونة
الأخيرة الهند .
v
استخدام التكنولوجيا كشكل تجميلي :
عدد ليس بقليل من الدول النامية تتعامل مع
تكنولوجيا المعلومات كمظهر حضاري فحسب ، و أصبح الدافع لاقتنائها هو المباهاة
الإعلامية أو الاجتماعية أكثر من الإستفادة
من المعلومات للوصول إلى المعرفة
فبعض الدول تسعى للتوسع الكمي وتهمل الجانب الكيفي
إذ تعمل جاهدة على اقتناء العديد من التقنيات المعلوماتية دون وجود خطط لتوظيفها
توظيفا أمثل حيث توظف التكنولوجيا توظيفاً ترفيهياً استهلاكياً لا توظيفا تنموياً ، فيجب استخدام التكنولوجيا المعاصرة استخداماً فعالاً بعيداً عن الشكلية كوسيط رئيسي لخلق
المعرفة للحد من اتساع الفجوة الرقمية .
v
ضعف الاستثمار في تكنولوجيا المعلومات
و إقتصار إستثمار العديد من الدول النامية للتكنولوجيا على الشراء وإقتناء الأجهزة
، دون الدخول الفعلي إلى مجال التصنيع ، و لذلك لابد من زيادة الاستثمار في تكنولوجيا المعلومات و الإتصالات في مصر و العالم العربي للحد من اتساع الفجوة الرقمية .
ثانيا :
الأسباب الاقتصادية و السياسية للفجوة الرقمية :
v
ارتفاع كلفة توطين تكنولوجيا المعلومات :
على الرغم من الانخفاض الكبير في أسعار نكنولوجيا المعلومات و الاتصالات الخاصة
بالمستخدم النهائي إلا أن تكلفة توطينها محلياً في ارتفاع مستمر ، وذلك لعدة أسباب
منها : ارتفاع كلفة إنشاء البنية التحتية لهذه التكنولوجيا ، وارتفاع كلفة تطويرها
.
v
التوزيع الغير متكافئ للبنية التحتية :
إن تكنولوجيا المعلومات والاتصال معتمدة إلى حد
كبير على وجود بنية تحتية قوية داخلية ، ولكن توزع البنية التحتية للاتصالات
توزيعاً غير متكافئ بين المدينة و الريف يؤدي إلى اتساع الفجوة الرقمية حيث نجد
وفرة وسائل الاتصالات في المناطق الحضرية مثل توفر الخطوط الهاتفية الثابتة و
المتنقلة ، ومقاهي الإنترنت ، وأجهزة
الحاسوب ، والهاتف العمومي ، ... إلخ بالمقارنة بالمناطق الريفية أدى إلى
إحداث فجوة رقمية داخلية .
v
تكتل الكبار و الضغط على الصغار :
تشهد حالياً صناعة المعلومات حركة نشطة للتكتل من
قبل الكبار ، مما يضيق الخناق على الصغار
في كثير من المجالات إلى حد الاستبعاد الكامل من حلبة المنافسة .
v
الدخل :
يعتبر
الدخل من الأسباب المؤدية للفجوة الرقمية بسبب الفرق بين الدخل في الدول
النامية و المتقدمة .
v
عدم تنفيذ سياسات واضحة وحازمة بشأن مجتمع
المعلومات :
عدم تلاؤم الإطار التشريعي مع متطلبات مجتمع
المعلومات في كثير من البلدان العربية يؤدي إلى اتساع الفجوة الرقمية ، بينما نجد
العديد من المجتمعات في الدول المتقدمة بدأت بتنفيذ سياسات واضحة وحازمة في سبيل
معالجة الإهمال و الاخطاء الناتجة عن الصراع المعلوماتي
ثالثاً :
الأسباب الاجتماعية و الثقافية للفجوة الرقمية :
v
تدني مستوى التعليم :
إن تدني مستوى التعليم في البلاد والذي سببه الخلل
في جميع أجزاء المنظومة التعليمية من مناهج ومعلمين وإدارات مدرسية يعد أحد
الأسباب المؤدية للفجوة الرقمية .
v
الأمية الألفبائية :
تعتبر
الأمية من الأسباب الرئيسية المؤدية للفجوة الرقمية ، فكلما ارتفعت نسبة
الأمية أدى ذلك إلى اتساع الفجوة الرقمية .
v
الأمية التكنولوجية :
ما زالت الدول النامية بصفة عامة والدول العربية
بصفة خاصة تعاني من نسبة عالية من الأمية التكنولوجية حيث يجهل الكثير من أفراد
المجتمع استخدام التكنولوجيا الحديثة ، وعدم معرفتهم بالتعامل معها واستخامها
، ويدخل تحت مظلة الأمية التكنولوجية
الأمية المعلوماتية والحاسوبية ، فليست الأمية هي فقط عدم القراءة والكتابة .
في ظل هذه
الطفرة المعلوماتية نشأت أنواع أخرى من الأمية وهي الأمية الحاسوبية و التي توضح
عدم قدرة بعض المتعلمين على التعامل مع
الحاسب .
هناك أيضاً
الأمية المعلوماتية والتي تشير بشكل
أو بآخر
إلى عدم قدرة المتعلمين أو حتى مستخدمي الحاسب الآلي في الوصول إلى
معلوماتهم أو حتى التعامل مع مصادر المعلومات الرقمية فهذه مشكلة تقف عائقاً أمام
عمليات التنمية و التقدم ، وهذه المشكلة خطيرة ظهرت حيثاً نتيجة لثورة المعلومات ،
وما رافقها من ظهور مستمر لتكنولوجيا
المعلومات .
v
الحواجز اللغوية :
v
تعتبر
اللغة عائقاً نحو استخدام تطبيقات التكنولوجيا وهي الإنترنت ، حيث تحتل اللغة
الانجليزية 68% من محتوى المواقع وحوالي 85% من مواقع التجارة الإلكترونية .
بينما يمثل المحتوى العربي في مواقع الإنترنت أقل
من 1% من المحتوى العالمي ، فمازال المحتوى العربي أقل من الوزن الذي تمثله اللغة
العربية .
ويبلغ حجم التجارة الإلكترونية في العالم العربي 1.1 % من حجمها العالمي .
وأسباب هذا التدني متعددة منها : التأخر
في انتشار الإنترنت في العالم
العربي مقارنة بالعالم الغربي ، وارتفاع نسبة الأمية وعدم وجود حماية فكرية
للنشر الإلكتروني ، وقلة
التطبيقات الإلكترونية العربية ، مثل الحكومة الإلكترونية والتعليم
الإلكتروني والتجارة الإلكترونية العربية
وقد ينمو
هذا المحتوى تدريجياً مع التوسع في
التطبيقات الإلكترونية وخاصة الحكومة الإلكترونية
مثلما حدث في الإمارات العربية المتحدة ، حيث بلغت نسبة صفحات الويب 15 %
من العدد الكلي لصفحات الويب العربية في عام 1998 ، ولكن بعد تطبيق الحكومة
الإلكترونية وصلت هذه النسبة إلى 43% .
مؤشرات الفجوة
الرقمية :
تعريفها : يقصد
بمؤشرات الفجوة الرقمية : ( الأداة التي
تستعين بها الوزارات المعنية والمنظمات والهيئات المهتمة بقطاع تكنولوجيا
الاتصالات والمعلومات ، لكي تستطيع من خلالها قياس الفجوة الرقمية ) .
من هذه ا
لمؤشرات التي يمكن من خلالها قياس الفجوة
الرقمية مايلي :
1/ مؤشر
الكثافة الاتصالية :
ويقاس بعدد الهواتف الثابتة والنقالة لكل مائة فرد
، وسعة شبكات الاتصالات من حيث معدل تدفق البيانات عبرها .
2/ مؤشر التقدم
التكنولوجي :
ويقاس بعدد الحاسبات وعدد مستخدمي الإنترنت
وحيازة الأجهزة الإلكترونية وماشابه ذلك .
3/ مؤشر
الإنجاز التكنولوجي :
ويقاس بعدد براءات الاختراع ، وعدد تراخيص استخدام
التكنولوجيا ، وحجم صادرات منتجات التكنولوجيا العالية والمتوسطة منسوباً إلى
إجمالي الصادرات .
4/ مؤشر مقياس الذكاء المعلوماتي :
وهو من أصعب المؤشرات قياساً نظراً إلى حداثة
المفهوم ، ويمكن قياسه بصورة تقريبية بعدد حلقات النقاش عبر الإنترنت والأوراق
العلمية التي يشترك فيها أكثر من مؤلف
وعدد اللقاءات العلمية ونطاق الموضوعات التي تتناولتها .
5/ مؤشرات قطاع
المال والأعمال :
ويقاس من خلال مايلي :
v
مدى
توافر وسائل الأمن على المعلومات .
v
نسبة
استعمال الموظفين للإنترنت .
v
نسبة
انتشار الشبكات المحلية .
v
نسبة
الإدارات التي تدار بطريقة إلكترونية .
v
التعاملات
البنكية والتجارية الإلكترونية .
6/ مؤشرات ثقافية
وعلمية :
وتقاس
من خلال :
v
نسبة
انتشار المكتبات الرقمية .
v
مدى
انتشار قواعد البيانات والاعتماد عليها في
البحث العلمي .
ويمكن توضيح الأبعاد المختلفة للفجوة الرقمية
من خلال :
الدورة الكاملة لاكتساب المعرفة
والتي تشمل : النفاذ إلى المعلومات ، تنظيم المعلومات ، استخلاص
المعرفة ، تطبيق المعرفة الجديدة ، بالإضافة إلى العناصر الأساسية
لإقامة صناعة المعلومات والتي تشمل
: محتوى المعلومات ، ومعالجتها ، وتوزيعها .
ومن أهم الأسباب وراء إعاقة سريان التيار المعرفي
في الدول العربية هو : أن المعرفة وثيقة الصلة بتقنيات
المعلومات مما يجعل عمليتي توليد المعرفة وتوظيفها رهناً بمستوى التقدم التكنولوجي .
و من خلال الإحصاءات التي أجريت لعدد من المؤشرات
مثل عدد الهواتف الثابتة وعدد الحواسيب الشخصية ، إلى إجمالي عدد السكان تأتي
الدول العربية في موضع لا بأس به ، إلا
أنها تأتي في مؤخرة القائمة فيما يخص عدد مواقع الإنترنت وعدد مستخدمي هذه الشبكة
.
من هنا يمكن القول أن المؤشرين الأخيرين أكثر دلالة
على مستوى التنمية المعلوماتية والمعرفية ، حيث يعبران عن مدى تجاوب المجتمع
العربي مع تقنيات المعلومات والاتصال وعلى مدى استيعاب المعرفة من خلال تزويد
الأفراد بالقدرة على استخدامها .
ويمكن القول أن
الفجوة الرقمية تحمل في طياتها العديد من الفجوات وهي كالتالي :
§
فجوة تكنولوجية بين التقدم التكنولوجي للدول
المتقدمة والدول النامية .
§
فجوة المعرفة في تحصيل المعلومة وانتقالها بين الدول
المتقدمة والدول النامية .
§
فجوة في الاتصالات بين أسلوب وطرق الاتصالات مع
تعددها وكثرتها في الدول المتقدمة عن الدول النامية
§
فجوة في التعليم وأساليب وطرق وأنشطة البحث العلمي
بين الدول المتقدمة والدول النامية
§
فجوة في الثقافة حيث نجد ثقافة المجتمع المتقدم الذي
يهتم بالتكنولوجيا وعالم الكمبيوتر
والإنترنت والإتصالات ويعتبره أداة علم
وتعلم وعمل وبين الدول النامية التي تعتبره أداة رفاهية ولعب وتسية .
§
فجوة في العقل بين عقلية الإنسان الغربي الذي يفكر
في العلم والعمل والتطوير والبحث والرغبة
الدائمة في التغيير والتقدم وبين الإنسان
في الدول النامية وعدم الاهتمام بتحصيل العلم والبحث العلمي .
§
فجوة في التنظيمات والتشريعات فهناك نقص في
بلادنا في التشريعات التي تخدم مجتمع
المعلومات وبنية المعلومات وتجعلنا مؤهلين
لبناء مجتمع المعلومات .
الفجوة الرقمية والوطن العربي :
إن
الدول في الوطن العربي معنيون كغيرهم من البلدان النامية بتقليص الفجوة الرقمية
التي نشأت خلال الثلاثين عاما الماضية .
ما
زالت الدول العربية لم تستطع محو الأمية الألفبائية حتى الآن فداهمتها ثورة
المعلومات ، ووجدت نفسها تواجه الأمية الثانية وهي الأمية التكنولوجية .
ازداد
العبء وتضاعفت المصاعب وإن كانت الأمية الأولى الألفبائية منعت شرائح كبرى من
المجتمعات العربية عن المساهمة في عملية التنمية ، فإن الأمية الثانية كفيلة
بتأخير تطورها الجدي وإفشال مشاريع
التنمية مهما كانت مصادر دخلها كبيرة
وموادها الأولية غزيرة .
لم
تستخدم التقنية المعلوماتية حتى الآن شكلاً
كافياً في الوطن العربي ، ولم يتم
تقدير دور المعلومات في عملية التنمية قدرها الصحيح .
يجب
التنويه هنا بأن الفجوة الرقمية لا تقتصر
بين الدول الصناعية والدول النامية بل قد توجد بين الدول العربية في حد
ذاتها ، حيث ما زالت هناك عدة عوامل متعددة تؤثر تأثيراً مباشراً في الفجوة
الرقمية أهمها مايلي :
v
الفجوة
الاقتصادية بين الدول العربية ، فهناك دولة غنية تستطيع اقتناء أحدث تقنيات
المعلومات ،وأخرى فقيرة تنظر إلى هذه التقنيات كرفاهية علمية غير مطلوبة قبل توفير الغذاء والمسكن وغير ذلك .
v
الاختلاف
الكبير في مستويات العلوم والتقنية
والمعرفة ، فهناك دول متطورة في المجال وأخرى متخلفة .
v
الاختلاف
الواضح في البنية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية .
v
الافتقاد إلى الخطط الشاملة قصيرة وطويلة المدى في مجال
التأهيل والتكوين في مجال تقنية المعلومات .
v
غياب
الشفافية وروح العمل حيث يعاني أفراد المجتمع
العربي من غياب الشفافية في تبادل المعلومات وفي التعاملات وغياب روح العمل
الجماعي والتطوير وحب العمل والابتكار التي يمتلكها الفرد الغربي .
ويمكننا أن ندرك مدى
الفرق بين كل من الدول المتقدمة وبين دول العالم العربية التي لا تزال فيها الأمية
الرقمية تشكل هاجساً ، بل وعائقاً أمام جهود التقدم ، تلك الفجوة الرقمية التي
تزيد اتساعاً كلما زاد التقدم في تلك الدول حيث يزيد البعد
بيننا وبينهم .
تمثل
الثورة الرقمية سلاحاً ذو حدين يجب الإنتباه لخطورته ،
في
الوقت الذي تمهد فيه ثورة المعلومات الطريق للدول النامية للعبور إلى مستويات أرقى
، فإنها أيضاً قد تكون السبب في تقهقر تلك
الدول ، إذا هي لم تسع لمواكبة الحركة العالمية .
لابد من مضاعفة الجهد وتسريع معدلات العمل
لتفادي تلك المخاطر .
نؤكد
على أن الحل لتجنب اتساع هذه الهوة ووصولها لهذا الحد المخيف يجب ألا يترك
للحكومات والمؤسسات العاملة فقط ، وإنما ايجاد الحل في انتهاج الأفراد نهجاً
جديداً نحو التطور والرغبة في عبور الجسر
كي نقف في النهاية على قدم المساواة مع بقية أفراد العالم في باقي الدول .
آثار الفجوة الرقمية :
تتعدد
آثار الفجوة الرقمية ومنها مايلي :
§
انخفاض
المستوى العلمي وانعزال الفكر في الدول
النامية .
§
انخفاض
الوعي التكنولوجي والتواصل مع العالم .
§
تزايد
حدة الفقر المعلوماتي وقد يتصور البعض أن الفقر
هو اقتصادي فقط بل هناك فقر معرفي
وفقر عقلي وفقر علمي .
§
غياب
الشفافية المعلوماتية في المجتمع .
§
زيادة
الفكر المتطرف من خلال عدم التفاعل مع الفكر العالمي وتوالد الأحقاد ضد الدول
المتقدمة .
§
غياب
القنوات العصرية لتبادل المعلومات بين صناع القرار في الدول النامية .
§
غياب صور
الاتصال الإنساني بين الحضارات المختلفة مما يؤثر
سلباً في اتساع هذه الفجوة
وتحويلها لفجوة حضارية .
سبل تحدي الفجوة الرقمية :
تتضافر العديد من العوامل التي تساعد على
تخطي الفجوة الرقمية وتتمثل فيما يلي :
1. تطوير المناهج الدراسية بحيث تركز المناهج على الجانب التقني .
2. الاهتمام بتعليم المتعلمين كيفية استخدام
تقنيات المعلومات والاستفادة منها الاستفادة المثلى .
3. الاهتمام بالتدريب التقني للمعلمين وأعضاء
هيئة التدريس فإن كانو هم على درجة عالية
من الكفاءة فبالتالي سوف يظهر أثر هذا على
المتعلمين .
4. توفير البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات
والاتصالات لمن يحتاج إليها لغير القادرين عليها كالريف والقرى .
ولكن لابد من الإشارة إلى أن تكنولوجيا
المعلومات والاتصالات وحدها لا تكفي فنجاحها مرتبط بخطة متكاملة للتنمية
الاجتماعية ، فتكنولوجيا المعلومات لا تولد التغيير بل تعمل فقط على توفير البيئة التي تمكن من حدوثه .
5. تنمية البنية التحتية : (الشبكة الكهربائية
، شبكات الاتصالات ) ولكي يتم التغلب على الفجوة الرقمية يجب أن تكون البنية
التحتية قوية .
6. نشر ثقافة التكنولوجيا والمعلومات لمحاربة
الفقر المعلوماتي الدامغ لدى شعوبنا .
7. تصميم برامج عربية ومحركات بحث باللغة
العربية .
8 . تعريب البرمجيات الحرة ذات المصدر المفتوح
وتطويعها بما يخدم البيئة العربية .
9 . إعطاء جزء من ميزانية الدول العربية لتشجيع
الباحثين والعلماء العرب مادياً ومعنوياً لضمان عدم هجرة هذه العقول إلى الخارج .
10. الشفافية
في نشر المعلومات في جميع القطاعات .
11. تعاون الدول النامية مع بعضها من أجل
التغلب على الفجوة فبعض الدول النامية تتوهم
بإمكانية تحقيق تنمية معلوماتية بمفردها وأقل مايوصف به هذا التوجه هو
السذاجة وضعف النظر الاستراتيجي ، فهل
يمكن لأحد أن يتجاهل ما يجري من تكتلات الكبار
و الصغار وتحالفهم بغية تحصين
مواقعهم على الخريطة المعلوماتية .
12 .إشراك كلاً من القطاع العام والخاص في
تنمية قطاع الاتصالات وتنمية المهارات البشرية
13 . وضع
تشريعات وتنظيمات قانونية تشجع الاستثمار وتدعم الاقتصاد الرقمي .
14 . إنشاء هيئة متخصصة لتتولى التخطيط لبناء
مجتمع المعلومات .
ومن خلال ما تقدم يمكن القول إن نجاح الدول
العربية في تضييق الفجوة الرقمية بينها وبين الدول المتقدمة يعتمد بشكل أساسي على
تضييق الفجوة بين الدول العربية بعضها مع البعض الآخر ، وهذا مايوحي إلى
ضرورة إقامة تكتل عربي على أساس
معرفي في المستقبل ، فالمستقبل ليس مكاناً نذهب إليه ، بل
خياراً نصنعه بأنفسنا اعتماداً على كيفية
استثمارنا لطاقتنا وعلى قدرتنا على
الاستفادة منها ومن تجارب الآخرين .
عمل ممتاز هل بامكانكم سرد قائمة المراجع شكرا لكم
ردحذف