الجمعة، 9 أغسطس 2019

الوصول الحر للمعلومات OPEN ACCESS

 النشأة و المفهوم :
     يعتبر الوصول الحر حركة علمية حديثة في مجال النشر الإلكتروني من خلال إتاحة الأبحاث والدراسات عبر الإنترنت مجاناً ، إما في المستودعات الرقمية أو الأرشيفات مفتوحة المصدر  .
يرى الباحثون أن الانطلاقة الحقيقية للوصول الحر  كانت في العقد الأخير من القرن العشرين
وقد اختلف الباحثون في وضع المفهوم الحقيقي للوصول الحر ، كما تعددت المصطلحات المرادفة لمصطلح الوصول الحر ، فهناك النفاذ الحر ، أو الإتاحة الحرة للمعلومات ، أو الاتصال الحر ، إلا أن مصطلح "الوصول الحر" هو أكثرها شيوعا واستخداما .
     ومن التعريفات المهمة لمصطلح الوصول الحر نستعرض ما يلي :
v   يعرف الوصول الحر للمعلومات العلمية وفقاً لمبادرة بودابست بأنه : "إتاحة الإنتاج الفكري العلمي على الخط المباشر مجانا ، متمثلا بشكل مبدئي في المقالات المحكمة المنشورة Peer-Reviewed Journal Articles ومسودات المقالات التي لم تحكم بعد لجميع الدارسين على شبكة الإنترنت ، والسماح لأي مستفيد منهم بالقراءة والتحميل الهابط والنسخ والتوزيع والطباعة والزحف إليها وتكشيفها من قبل أدوات البحث ، لأي غرض قانوني دون قيود مادية أو قانونية أو تقنية، على أن ينسب العمل إلى صاحبه، وذلك من خلال آليتين هما :  الدوريات المجانية، والأرشفة الذاتية"
v    أما بيتر سبر  أحد أبرز  رواد الوصول الحر  فيعرفه بأنه : "الوصول إلى الإنتاج الفكري الرقمي على الخط المباشر دون رسوم ، ودون قيود الترخيص ، وحقوق النشر".
v   ويعرفه فيري بورك على أنه : تمكن الباحث من قراءة بحث علمي على الإنترنت ، وأن يطبع نسخاً منه بل وأن  يوزعه لأغراض غير  تجارية دون أن يدفع شيئا في المقابل أو يخضع لأية قيود .
v   وبتعريف أكثر  تبسيطاً، فإن الوصول الحر للمعلومات يعني الوصول الإلكتروني الخالي من أي عوائق أو قيود على الإنتاج الفكري المتوافر على الشبكة العنكبوتية .
     يعد الوصول الحر للمعلومات من المبادئ التي مازال المجتمع الأكاديمي ينادي بها بهدف تحقيق التواصل في مجال البحث العلمي وتبادل الأفكار  وإتاحة نتائج البحوث العلمية وإثراء الحوار  بين الباحثين وتهيئة الظروف الملائمة التي من شانها أن تسهم في التقدم العلمي .
     يكاد يتفق معظم الباحثين على أن العقد الأخير من القرن العشرين  يعد الانطلاقة الحقيقية لحركة الوصول الحر  وأن ظهور  الإنترنت وانتشاره السريع كان السبب الرئيسي في ظهور هذه الحركة .
     وهناك طريقان رئيسيان للوصول الحر ، هما :
1_ الطريق الذهبي  :
ويعني : القيام بنشر دوريات علمية محكمة لا تهدف للربح المادي ، وهي دوريات علمية تقدم محتوياتها مجاناً للجميع على الإنترنت مقابل طرق تمويل مختلفة غير الاشتراكات ، من خلال دفع المؤلف نظير تكلفة النشر ، أو من خلال المؤسسات الممولة للبحث العلمي . وهذا النمط من الدوريات يتمتع بالخصائص نفسها التي تتمتع بها الدوريات المقيدة ذات الرسوم ، وعلى رأسها التحكيم العلمي للمقالات ومعامل التأثير الجيد .
2_ الطريق الأخضر :
يشير إلى الإتاحة المباشرة من خلال المؤلفين أنفسهم عند قيامهم بإيداع أعمالهم ، إما على مواقعهم الشخصية أو أرشيفاتهم الشخصية ، أو مواقع المؤسسات التي يعملون بها ، أو في أحد المستودعات الرقمية (الموضوعية والمؤسسية) . وتشتمل تلك المستودعات على كثير  من أنماط الإنتاج الفكري وعلى رأسها مقالات الدوريات العلمية ، سواء كانت تلك المقالات طبعات مبدئية أو من المقالات المحكمة والمنشورة بالفعل ببعض الدوريات القائمة على الربح المادي ، والتي يسمح ناشرها بنشر تلك المقالات في نفس وقت النشر أو بعده بفترة زمنية قصيرة أو طويلة .
     وتباينت الآراء الخاصة نحو الوصول الحر للمعلومات ما بين مؤيد ومعارض ، حيث يسعى المؤلفون إلى أكبر عدد ممكن من القراء في حين يسعى الناشرون إلى تحقيق مستوى أعلى من المبيعات للمواد المطبوعة ، حيث يسود الاعتقاد بأن الإتاحة الحرة للمواد في شكلها الإلكتروني من شأنها تحقيق رواج أكبر  لنفس المواد في أشكالها الأخرى ، وقد يكون الهدف من الإتاحة الحرة هو : دعم النواحي العلمية والثقافية والمعرفية من قبل بعض الناشرين وخاصة الأكاديميين منهم الذين لا يهدفون إلى تحقيق الربح المادي ، بل يمتد هدفهم إلى أبعد من ذلك ليشمل مجموعة من الأهداف التربوية والبحثية والمعرفية .
مزايا الوصول الحر للمعلومات :
1_ الترويج للمطبوعات ومؤلفات الباحثين والمؤسسات العلمية المختلفة.
2_ الحضور الإلكتروني للجامعات على الشبكة العنكبوتية ، وبالتالي رفع أسهمها في المعايير العالمية لتقييم الجامعات على الشبكة .
3_ كسر احتكار الناشرين فيما يتعلق بتوزيع البحث العلمي ، حيث أنه يجعل الوصول الحر للمعلومات العلمية والتقنية أكثر عدلا وإنصافا.
4_ يتيح للمؤلفين الاحتفاظ بحق النشر ، والبث المتزايد لأعمالهم على نطاق واسع .
5_ تسريع وتيرة البحث العلمي والتقني ، إذ أن هذا النظام يسمح بالتخفيض في مدد نشر المقالات من 12 شهراً  في المتوسط إلى بضعة أسابيع أو حتى بضعة أيام .
6_ تقوية الإنتاجية العلمية .
7_ تعزيز التواصل بين الباحثين في مختلف التخصصات .
8_ مميزات الوصول الحر للجامعات تنسحب بالضرورة على الباحثين وأعضاء هيئة التدريس وطلاب الدراسات العليا في هذه الجامعات ، من حيث زيادة حضور دراساتهم على الشبكة ، وبالتالي زيادة الاستشهاد المرجعي بتلك الدراسات، وهو أحد أبرز معايير تقييم الباحثين .
معوقات الوصول الحر للمعلومات :
1_ المعوقات القانونية المتصلة بالملكية الفكرية وحقوق المؤلفين .
2_ المعوقات التكنولوجية المتصلة بالبنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات .
3_ المعوقات المادية المتصلة بالأمور المالية والاقتصادية وأساليب التمويل والتعاملات التجارية .
4_ المعوقات الفنية المتصلة بخدمات ومعايير التكشيف .
5_ المعوقات الأكاديمية المتصلة بنظم الترقية الأكاديمية لأعضاء هيئة التدريس .
6_ المعوقات المعنوية المتعلقة بالمكانة والسمعة العلمية في سوق النشر .
أهم مبادرات الوصول الحر في العالم :
1_ مبادرة الرسالة المفتوحة للمكتبة الأمريكية العامة للعلوم Public Library of Science-Open Letter في سبتمبر عام 2001، وتدعو إلى ضمان حرية وحق الوصول الحر للمعلومات العلمية ، ودعم الإنتاجية العلمية .
2_ مبادرة بودابست للوصول الحر Budapest Open Access Initiative في فبراير  2002، وتدعو إلى الوصول الحر  لنتائج البحوث عبر  استراتيجية الأرشيف المفتوح  والدوريات المتاحة مجانا على الويب .
3_ بيان بيثسدا لنشر الوصول الحر Bethesda Statement on Open Access Publishing  في أبريل 2003، والذي يحدد بشكل واضح  مفهوم المساهمة في الوصول الحر .
4_ بيان برلين للوصول الحر للمعرفة والعلوم والإنسانيات Berlin Declaration on Open Access to Knowledge in the Sciences and Humanities في أكتوبر 2003، وهو يوسع مفهوم الإتاحة ليشمل نتائج البحوث ومجمل التراث الثقافي .
5_ إعلان إفلا EFLA Declaration  عام 2003 والذي نص على تحقيق وصول أكثر اتساعا للمعلومات لجميع المستفيدين حسب مبادرة جلاسكو حول المكتبات والمعلومات والحرية الفكرية .
6_ إعلان المبادئ الذي أصدرته القمة العالمية حول مجتمع المعلومات 2003 والذي نص دعا إلى النفاذ الكامل لتكنولوجيا الإعلام والاتصال، والوصول إلى مجتمع المعلومات والمعرفة .
7_ نداء الرياض من أجل الوصول الحر إلى المعلومات العلمية والتقنية. في فبراير 2006، ويدعو إلى ضرورة إنشاء مكتبة علمية افتراضية على الإنترنت لتزويد الباحثين في الوطن العربي، وفي العالم بالمحتوى الكامل لنتائج البحث العلمي، والنصوص العلمية المنشورة .
الملكية الفكرية وحقوقها :
      عرف المركز المصري للملكية الفكرية وتكنولوجيا المعلومات : "بأنها كل ما ينتجه ويبدعه العقل والذهن الإنساني ، فهي الأفكار التي تتحول أو تتجسد في أشكال ملموسة يمكن حمايتها ، وتتمثل في الابداعات الفكرية والعقلية ، والابتكارات ، مثل الاختراعات والعلامات والرسوم والنماذج وتصميمات الدوائر الإلكترونية المتكاملة، ويهدف نظام حماية حقوق الملكية الفكرية ، إلى تنمية البحث والتطوير وتقديم معلومات لأجل تقدم المعرفة ، وذلك بتقديم حوافز  للاستثمار  في العملية الإبداعية وتشجيع الوصول إلى الابتكارات".
أهمية حماية الملكية الفكرية :
     تلعب حقوق الملكية الفكرية دورا هاماً  في :
o       عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية لأي مجتمع .
o       سيادة القانون واحترامه بالحفاظ على إبداعات العقل البشري .
o       حماية منتجات الفكر  الإبداعية والمعرفية .
o       تحفيز العقل البشري على الإبداع .
مشكلات الملكية الفكرية في البيئة الرقمية :
 لا توجد مشكلات كبيرة بالنسبة لحقوق النشر أو الملكية الفكرية في مجال المواد المطبوعة ، فشراء المكتبة لنسخ مطبوعة من الكتاب يخولها إعارة الكتاب لمن تريد وبأي عدد من المرات بدون الحصول على ترخيص من مالك حقوق النشر ، كما أن المستفيد من المكتبة التقليدية يقوم  باستعارة  وعاء المعلومات من أجل القراءة  والاطلاع ، ومن ثم يقوم بإعادته للمكتبة لتقوم هي بعد ذلك بإعارته لشخص آخر ، لذا فإن خطورة استغلال معلومات الكتاب أو سرقتها محدودة جداً ، بينما في المكتبات الرقمية وقواعد البيانات على الإنترنت ، فإن الأمر  يختلف تماما ، حيث لا توجد عملية استعارة ، وإنما يقوم المستفيد بعملية إنزال مصدر المعلومات الرقمي من الموقع ، ثم تتحول ملكيته الكاملة إليه ، كما أن المكتبة الرقمية ، أو قاعدة البيانات تتيح أحياناً عدداً  غير محدود من عمليات تحميل مصدر  المعلومات ، وعلى الرغم من أن هذه الطريقة تتيح الوصول الحر  والمباشر  لمصادر المعلومات ، إلا أن كثير اً من المهتمين بحماية حقوق النشر  والملكية الفكرية يخشون أن يقوم المستفيد بأي عمل غير نظامي أو غير  قانوني ربما ينتج عنه فقد معلومات المؤلف من مصدر المعلومات الرقمي ، أو ضياع اسمه منه ، أو أن يتم التلاعب بالنص الأصلي للمؤلف ، مما قد يحدث تغيير في محتويات مصدر المعلومات الرقمي بإضافة ، أو حذف المحتويات دون علم المؤلف ورغبته  ؛ مما يؤدي إلى ضياع حقوقه الفكرية ، إلى غير ذلك من أنواع الانتهاك والاستغلال . 
    لذلك يعد انتهاك حق الملكية الفكرية للمؤلفين والناشرين أكبر مشكلة تواجه النشر الإلكتروني ، وعملية الوصول الحر للمعلومات ، حيث : يسهل نسخ المحتوى الإلكتروني مقارنة بالكتاب الورقي  في ظل ندرة توفر  قوانين ضابطة تحكم القرصنة على شبكة الإنترنت حيث يتم نشر  المحتوى المسروق ، أو التصرف به بطريقة أو  بأخرى بدون الرجوع  للمؤلف .
إن أفضل التدابير لتوفير حماية للملكية الفكرية للمنصفات الرقمية في ظل ضعف التشريعات وعدم كفايتها يتمثل في :  الحماية التقنية التي تعتمد على وضع شروط وعقبات تقنية تمنع أو تعوق إساءة الاستخدام ، مثل :  الحماية من خلال تشفير  المواد بكلمات سر ، أو طرح المصنفات في صيغ وقوالب لا تسمح بنسخها أو التعديل فيها ، إلا بعد موافقة أصحابها ، أو الحصول على المقابل المادي المقرر... إلخ . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق