الخميس، 11 نوفمبر 2021

 الوسائط الرقمية وتطبيقاتها في المكتبات ومؤسسات المعلومات المفاهيم، التحديات، الآفاق المستقبلية

مقدمة:

شهدت المكتبات ومؤسسات المعلومات في الآونة الأخيرة ظهور العديد من التقنيات الرقمية المتخصصة في عرض واسترجاع نصوص مصادر المعلومات المتاحة في شكل رقمي، ومن أبرز هذه التقنيات علي سبيل المثال الكتاب الالكتروني E. Book (Electronic Book) مروراً بتقنياتPDA (Portable Digital Assistant)  وصولاً إلي الحاسبات الشخصية المسطحة Tablet PC إلى غير ذلك... وقد تنوعت هذه التقنيات بحيث أصبح من الصعب علي المكتبات الاهتداء إلي اختيار وتبني نموذج محدد أمام هذا الفيض، كما أنه ما زال يواجه عموم المتخصصين في المكتبات ومؤسسات المعلومات العديد من الصعوبات في التعامل الفعال مع تلك الوسائط.
وفي ضوء هذا العرض، وعبر نظرة عامة وشاملة لمفاهيم الكتاب الرقمي من منظور الأجهزة والتقنيات المستخدمة، تهدف الدراسة رفع الخلط الذي هيمن على التقنيات المتنوعة المرتبطة بالكتاب الالكتروني، ثم استعراض لأبرز التقنيات والأجهزة المستخدمة في صناعة الكتاب الرقمي والبرمجيات الموجهة للقراءة الآلية، إلى جانب تناول أهم التجارب والمشروعات التطبيقية للكتاب الرقمي في المكتبات الأوربية وبصفة خاصة الفرنسية والتي تهدف إلي نشر استخدام منظومة الكتاب الرقمي بين روادها ومن ثم تحليل ومناقشة النتائج المتعلقة بتلك التجارب، ودراسة وتأويل أهم التحديات التي تواجه الكتاب الرقمي وذلك من خلال التدقيق في الخصائص والعيوب المتعلقة به، وما يمكن أن تجنيـه أو تفقده المكتبات عند تطبيق مثل هذه التقنيات، وأخيراً تسعى الدراسة إلى استشراف الآفاق المستقبلية المتعلقة بتلك التقنيات من خلال محاولة الإجابة علي تساؤل هام وهو هل سترضخ المكتبات للكتاب الرقمي ؟ 

نظرة عامة لمفاهيم الكتب الرقمية من منظور الأجهزة والتقنيات:

على الرغم من أن مصطلح الكتاب الرقمي قد دخل فعلياً إلى حيز التطبيق والاستخدام في قطاع المكتبات ومراكز ومؤسسات المعلومات منذ عدة سنوات، يمكن تعريف الكتب الرقمية بأنها تشتمل علي مجموعات النصوص المتاحة في شكل رقمي والتي يمكن أن يتم تحميلها ونقلها وحفظها وتخزينها وبثها استناداً علي التقنيات والأجهزة الالكترونية مثل (الحاسبات الآلية إلى جانب أجهزة القراءة المحمولة المختلفة...) وكذلك بفضل احدي برمجيات القراءة الآلية المناسبة.

التقنيات والأجهزة المتعلقة بالكتاب الرقمي:

يمكن تقسيم وتمييز منظومة الكتب الالكترونية "E-Book" إلى العديد من فئات الأجهزة المتعلقة بعرض وإتاحة النصوص الرقمية والتي من بينها علي سبيل المثال:

·         أجهزة (Portable Digital Assistant)PDA

وهي عبارة عن أجهزة رقمية محمولة تم تصميمها بواسطة مؤسسة أبل *"Apple" وهي في حجم الآلة الحاسبة تقريباً ولها كافة مكونات الحاسبات الآلية من وحدات إدخال وإخراج ومعالجة (شاشة ولوحة مفاتيح ومعالج...) والتي تسمح بإدخال وتخزين ومعالجة المعلومات واسترجاعها.

·         أجهزة  Smart phones

وهذه الفئة من التقنيات والأجهزة عبارة عن هاتفات محمولة "ذكية"

 أجهزة الحاسبات المسطحة Tablet PC

وهي عبارة عن أجهزة قريبة الشبة من الحاسبات الآلية المحمولة وهي عادة تأخذ شكل شاشة مسطحه

·         أجهزة Smart Display

وهي عبارة شاشات حاسبات آلية، وتكون هذه الشاشات محمولة يمكن نقلها من مكان إلى أخر "متحركة"، وتسمح باستخدام وحدة المعالجة المركزية لحاسب آلي عن بُعد قد يبلغ حوالي عشرات الأمتار.

وهذا النوع كان معروف تحت أسم كود ميرا "code Mira" وقد تم طرح هذا النظام في الأسواق بواسطة شركة ميكروسوفت، وهو يسمح بتوصيل الشاشات المسطحة المحمولة عن بعُد إلي حاسب آلي دون أي وصلات من خلال تقنية الويفي "Wi-Fi".

وتتضمن هذه الأجهزة والتقنيات استخدامات متقدمة تتواءم مع متطلبات واحتياجات المستفيد المتمرس، ومن هذه الاستخدامات على سبيل المثال، معالجة النصوص والكلمات "Words and texts processing"، وأجندة لإدارة المواعيد "Agenda"، وخدمات البريد الالكتروني"E-Mail Services"، والمنتديات الحوارية أو النقاشية "Discussions forums"، وقارئ مقطوعات موسيقية "MP3" أو "MP4" أو "MP5" إلي غير ذلك، وكذلك تشتمل على برمجيات خاصة بقراءة النصوص الآلية، وذلك في حال استخدامهم بشكل مرتبط بالكتب الالكترونية. وباستخدام هذه الفئات في أغراض القراءة والعرض، يمكننا النظر إليها باعتبارها "أنظمة قراءة وعرض ذكية". 

برمجيات القراءة الآلية:

من الضروري أن يتوافر في كل جهاز (سواء كان مساعد شخصي أو حاسب آلي.....) أحدي البرمجيات الملائمة والمتخصصة في عرض النصوص الرقمية، ومن المعروف أن نصوص مصادر المعلومات الرقمية يمكن أن يتم إتاحتها في أشكال متنوعة، وقد عرفت المنظمـة الدولية للتوحيد القياسي ISO (International Organization for Standardization) الشكل بأنـه الترتيب المسبق للبيانات علي وسيط مـا فالشكل أشبه بالحاويـة التي صممت لتناسب البيانات بطريقـة تجعل كل عنصر بيانات يسهل التعرف عليـه بحيث يمكن استرجاعه ومعالجته أو فرزة أو طبعـه في حالة الرغبة، وعملية تحويل البيانات والمعلومات لأغراض الاختزان والاسترجاع بواسطـة الحاسب الآلي تتطلب مجموعة من القواعد التي تحكم هذا التحويل، ويتم بناء عليهـا، والأداة التي تساعد في هذا التحويل هي الشكل "Format".

وبناء عليه، يرتبط استخدام كل شكل ببرنامج "قارئ" معين. ومن أهم هذه الأشكال نذكر شكلLIT الذي يمكن قراءته بواسطة برمجيات "ميكروسوفت ريدر" "Microsoft Reader"، وشكل (Portable Document Format)"PDF" يكون مقروء بواسطة برمجيات "أدوب ريدر" "Adobe Reader"، وشكل "PDB" مقروء بواسطة "بالم ريدر""Palm Reader". وتجدر الإشارة إلى وجود شكل عالمي مقنن للكتب الرقمية وهو شكل"Open eBook" OEB والذي يعتمد في الأساس علي إحدى اللغات الواعدة والمتخصصة في بناء وهيكلة وتكويد النصوص الالكترونية وهي لغة XML (eXtensible Markup Language) ومن خلال هذا البناء يمكن قراءة النص الرقمي بواسطة مختلف أنواع الأجهزة والمعدات. 

أهم التحديات والمتطلبات التي تواجه المكتبات:

 أهم الخصائص المتعلقة بـ"E-Book"

·    الآنية أو اللحظية: مصادر المعلومات الرقمية يمكن شرائها عن بُعد والحصول عليها في بضعة دقائق أو لحظات عن طريق التحميل المباشر من خلال الشبكة العالمية "الانترنت" وذلك بصرف النظر عن الزمان (الوقت) أو المكان الذي يتم التحميل منه.

·    إمكانية الحمل والاختزان:بما أن الكتب الرقمية يمكن أن تتضمن المئات من الأعمال المتاحة في شكل الكتروني، فإنه من الممكن تكوين مكتبة بالفعل محمولة، بالإضافة إلي ذلك فالكتب الرقمية والوسائط الرقمية بصفة عامة يمكن أن تحل وبشكل جذري مشكلة توفير أماكن مخصصة لحفظ مصادر المعلومات التقليدية.

·    الإمكانيات التفاعلية والوسائط المتعددة: هناك العديد من الوظائف التي تحتويها تقنيات "E-Book" فيمكن بطبيعة الحال إجراء عمليات تكبير أو تصغير لحجم الحروف، وأجراء عمليات البحث عن كلمات معينة أو فقرات محددة، وإضافة مقاطع صوتية للنص (النصوص المقروءة)، واستخدام الروابط (تقنية النص الفائق) للربط بين النصوص، وإضافة ملاحظات شخصية أو تعليقات، وإمكانية القراءة في الأماكن المظلمة بفضل نظام معين للإضاءة إلي غير ذلك...

·    الاقتصادية: الكتب التقليدية المتاحة في شكل ورقي من الممكن تصنيعها بتكلفة ليست بالعالية وذلك بفضل أساليب الاقتصاد في معدات وأدوات وآليات التصنيع والحفظ وأخيرا التوزيع...الخ، وبالتالي يتم بيع تلك الكتب بأسعار ليست بالغالية ولكن ذلك سيكون له تأثير مباشر على جودة مصدر المعلومات. وفي ضوء ذلك تشير الدراسات إلى أن تكلفة الكتاب الرقمي يمثل 30% أقل في السعر عنه في مثيله الورقي.

·    التصحيح والتحديث: الأعمال الالكترونية من السهل أجراء عمليات التصحيح عليها إلى جانب أجراء التعديلات والإضافات والحذف والتحديث بصفة مستمرة عليها، وذلك يبدو مهما في بعض القطاعات والتي من بينها علوم الحاسبات الآلية، حيث أن أي خطأ حتى لو كان خطأ طباعي يكون ذا نتائج سلبية للغاية، وخاصة أن مصادر المعلومات غالباً تتقادم بسرعة كبيرة. 

ما يمكن أن تجنيه المكتبات من استخدام تقنيات الكتب الرقمية:

 استعادة المكانة الرائدة للمكتبات: تتجه المكتبات بصفة عامة إلي تطبيق استخدام الآليات والأدوات والتقنيات المستحدثة، وكذلك تدريب وإعداد جمهور المستفيدين علي استخدام تلك الأدوات. وتعتبر المكتبات من أولي المؤسسات التي عرضت في متناول روادها والمستفيدين منها خدمات مرتكنة علي تطبيقات الحاسبات الآلية. وفي الوقت الراهن لا توجد مؤسسة من المؤسسات يمكن أن يستخدم فيها الجمهور العام الحاسبات الآلية مثلما يستخدمها في أنظمة البحث المتاحة في المكتبات ومراكز المعلومات. كما يمكن ملاحظة أن التقنيات الرقمية يتم استخدامها بشكل مضطرد في مختلف مؤسسات وقطاعات المعلومات، ويمكن اكتشاف كذلك أن الأشخاص الذين ليس لديهم حاسبات آلية خاصة، يتوجهون مع ذلك بشكل مباشر وطواعية إلي أجهزة الوسائط المتعددة المتاحة في خدمتهم في مؤسسات المعلومات وخاصة المكتبات العامة. وبشكل عام، يمكن أن نتحقق من وجود شغف كبير من جانب الجمهور العام تجاه التقنيات الحديثة من وسائط متعددة وانترنت إلى غير ذلك. وعلي الرغم من أن مكتبات البلديات كانت من أوائل المؤسسات التي عملت علي إتاحة أنماط للوصول إلي الشبكة العنكبوتية العالمية (Web) فإنهم يعانون حالياً من تأخر نسبي في تتبع استثمار التقنيات الحديثة في العمليات الفنية والخدمات المقدمة، ولهذا السبب يمكن اعتبار الكتاب الرقمي "E-Book" فرصة ما زالت سانحة للمكتبات علي اختلاف أنواعها إلي استعادة المكانة الرائدة التي كانت تحتلها فيما يتعلق بتطبيق التقنيات الحديثة.

ضمان مكان مرموق في المستقبل: إذا قبلنا بالأمر الذي يمثل بان القراءة من خلال وسائط الكترونية لها كل المستقبل، إذاً يمكن اعتبار تقنيات الـ"E-Book" أحدي الوسائل التي قد تُمكن المكتبات من تبوء مكان مرموق في مجتمع المعلومات. 

العيوب الخاصة بالكتب الرقمية:

من أهم المعوقات التي يمكن أن تواجه المكتبات حيال تطبيق منظومة الكتب الرقمية:

·    معوقات تقنية (تكنولوجية): أجهزة عرض الكتب الرقمية ما زالت على الرغم من التطور التقني الذي تشهده تعتبر ثقيلة في الوزن (كيلو جرام في المتوسط)، وشاشات العرض الخاصة ببعض الأجهزة (خاصة أجهزة PDA وSmart phones) تكون صغيرة إلي حد كبير، الأمر الذي لا يسمح إلا بالاستجابة لحاجة دقيقة للقراءة. وعلي الرغم من أن الشاشات في تطور مستمر، نجد أن درجات الوضوح أو الجودة لم تتعادل بعد مع النصوص المطبوعة وذلك لان درجات الإيضاح في النصوص الرقمية تقترب من (300) نقطة لكل بوصة "dots per inch"  DPI بينما في المطبوعات المطبوعة التقليدية تتراوح بين (300 إلى 1200) نقطة لكل بوصة.

·    معوقات تحريرية للناشرين: الفهارس التي تضم الأعمال الرقمية الخاصة بالناشرين ما زالت ضئيلة ولا يتم نشرها وتوزيعها بصفة مستمرة. وغالبية تلك الفهارس تضم بشكل رئيسي القواميس، والأدلة السياحية، وأعمال موجهه إلى الجمهور العام، إلي جانب القليل من الأعمال الأدبية المعاصرة. 

·         إغلاق إمكانية التحميل: في الغالبية العظمي من تقنيات القراءة الرقمية للكتب، نجد أن برمجيات العرض "القاري" في وسعها تحميل ما يرغب فيه المستخدم من مصادر المعلومات المتاحة بالمجان علي الشبكة العالمية "Internet" وبصفة خاصة تلك المتاحة علي بوابات المكتبات الرقمية، وبناء عليه يفضل الغالبية العظمي من ناشري مصادر المعلومات الرقمية قفل أو إغلاق أجهزة القراءة وجعلها لا تقبل التحميل غير المقنن وذلك خوفاً من تكرار ظاهرة "Napster" 

·    التطور التقني المستمر: التنوع التقني في الأجهزة وبرمجيات القراءة والأشكال والوسائط من شأنها أن تضلل المستفيدين من الكتب الرقمية، كما تتطلب التقنيات الرقمية تكلفة تعتبر إلي حد كبير عالية كما تقتضي باستمرار إجراء عمليات تحول تقني لمواكبة التغيرات والتحديثات والتطورات التكنولوجية، وعادة ما تكون تقنيات الكتب الرقمية معقدة الاستخدام بالنسبة للجمهور العام لذلك فهي موجهة في الأساس إلي فئة الجمهور المثقف الذي له دراية باستخدام التقنيات الحديثة.

ما يمكن أن تخشاه المكتبات من الكتاب الرقمي:

تتطلب تصميم خدمة خاصة بإعارة الكتب الرقمية من فئة "E-Book" تجهيزات مادية (الأجهزة المخصصة للقراءة، ومحطات نقل البيانات بالأشعة تحت الحمراء "Infrared"، أو تقنيات الوايرلس "Wireless" وبرمجيات العرض أو القراءة....)، إلى جانب تكلفة متعلقة ببناء قطاع عريض من مصادر المعلومات الرقمية أو المرقمنة، وموارد بشرية من هيئة عاملة دربة وذات كفاءة عالية تكون مسئولة عن متابعة وإدارة عمليات إعارة الكتب الرقمية. وفي حال ما إذا كانت المكتبات تتبع سياسة الإعارة لمصادر المعلومات المتاحة في شكل إلكتروني، فلا بد من التحقق بشكل دائم وتلقائي من أن الكتاب الالكتروني المستخدم كوسيط للإعارة يتضمن كذلك جميع الأجهزة والبرمجيات التكميلية المساعدة ولا يوجد أي منها في حالة تلف أو عطل. وفي هذا الصدد نشدد علي أن المكتبات التي لا تتوافر فيها كافة الإمكانيات اللازمة للشروع في هذه التجربة لا يجب عليها أن تخوض تلك التجربة.

إذا كانت الكتب الرقمية تضع حلاً معقولاً لمشكلة توفير الأماكن اللازمة للحفظ الأرشيفي لمصادر المعلومات المتاحة في شكل تقليدي مطبوع، فإنه تبرز لنا قضية أخرى وهو كيف يمكن ضمان إمكانية الحفظ الطويل الأجل لهذه الفئة من مصادر المعلومات الرقمية ؟ الاختيار المتاح في الوقت الراهن أمام المكتبات التي ترغب في تشيد قطاع رقمي هو أن تفتح قطاع خاص بها علي أجهزة الخوادم "Servers" الخاص بالناشرين حيث يتم نشر الأعمال الرقمية من خلال هذا الخادم. ولكن الاستفسار يبقي من يضمن استمرار الوصول إلى الكتب الرقمية لأمد طويل؟ كما أن تنوع وتشتت الأشكال المعايير من الممكن كذلك أن يُشكل احدي المشكلات أمام الحفظ الطويل الأمد للكتب الرقمية.

النماذج الاقتصادية التي ترتبط بعملية إعارة الكتاب الرقمي بين المكتبات لا تزال غير واضحة ومستقرة. يمكننا أن نستشف أن النموذج الذي من الممكن أن يفرض نفسه هو المتعلق "بالاتاحة من خلال الترخيص" مثلما هو الحال في المنتجات الموجهة إلى الدوريات الالكترونية، ولكن السؤال الذي يفرض نفسه يرتبط بعملية الاستنساخ والخوف من أن المكتبات يتحول دورها إلي الاهتمام بإدارة حقوق التعاقد وتراخيص الإطلاع علي مجموعاتها الرقمية. 

هل سترضخ المكتبات للكتاب الرقمي ؟

بعد أن قمنا بتحليل الخصائص والسمات والعيوب والمعوقات الأساسية المرتبطة بالكتاب الرقمي "e-book"، وكيف يمثل هذا الأخير تحدي كبير يقف أمام المكتبات ومؤسسات المعلومات. في هذا السياق تتطرق الدراسة إلى محاولة استشفاف أهم الآفاق المستقبلية للكتاب الرقمي. وفي هذا الصدد، من المناسب أن نُسلم بان القضية لم تعد في معرفة ما إذا كان للكتاب الرقمي مستقبل أم لا، فالغالبية العظمى من الخبراء والمتخصصين في هذه المسالة يؤكدون بان الكتاب الرقمي سيعيش ويستمر ويتطور، والبرهان بأن له كافة المقومات والعوامل التي تحول وتمنع اختفائه، ولكن يبدو أننا ليس بعد مستعدون للاستفادة من النوع من التقنيات. وفي احدي الدراسات في موضوع (دراسة لعادات القراءة من خلال الشاشات) لنيل درجة الدكتوراه من كندا إقليم الكبيك أشارت صاحبة الرسالة "Zeïneb Gharbi" إلي انه لا يوجد أدني شك في استمرارية الكتاب الرقمي ودللت علي ذلك بقولها بأن هناك بعض الناس ضد الرسائل البريدية ومنهم ضد استخدام التليفون، ولهم كل الحرية في ذلك ولكن يجب التسليم بأن هذه الأدوات الجديدة تلعب وستلعب دور جوهري في عمليات التطوير والتحديث، الأمر الذي ينصب كذلك علي الكتاب الرقمي.

والمسائلة المتعلقة بمستقبل الكتاب الرقمي من الممكن إدراكها من منظور تهديدي، بمعني هل يمكن للكتاب الرقمي أن يحل محل الكتاب التقليدي المطبوع ؟ هل يقرع جرس المكتبات وينتشر استخدامه بشكل كبير بها؟ من الضروري أن نسلم بصعوبة إبداء الرأي بشكل محايد ومنطقي في مثل هذه الإشكالية. ومع ذلك هناك من قام بتخيل مستقبل الكتاب الرقمي بشكل جذري سواء بشكل سلبي أو إيجابي، وحتى الصحف سواء العامة أو المتخصصة لم يفوتوا فرصة التنبؤ بمستقبل الكتاب الرقمي. ونري أن الحقيقة ربما تقع في منتصف الطريق بين القلق المبالغ فيه من جانب المدافعين عن الكتاب التقليدي الذي هو في شكل ورقي ومن جانب أخر والمشجعين والمتبنين لمجتمع المعلومات المرتبط بالكتاب الرقمي. والجميع يري أن التبني الكامل للكتاب والنص الرقمي يمكن أن يتم عبر عدة عقود. 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق